الصوم الكبير عبارة عن ثلاثة أصوام:
الأربعين المقدسة فى الوسط
يسبقها أسبوع إما أن نعتبره أسبوعا تمهيدا للأربعين المقدسة أو تعويضا عن أيام السبوت التى لا يجوز فيها الإنقطاع عن الطعام
يعقب ذلك أسبوع الآلام.وكان فى بداية العصر الرسولى صوما قائما بذاته غير مرتبط بالصوم الكبير.
والصوم الكبير أقدس أصوام السنة.
وأيامه هى أقدس أيام السنة,ويمكن أ ن نقول عنه إنه صوم سيدى لأن سيدنا يسوع المسيح قد صامه.وهو صوم من الدرجة الأولى إن قسمت أصوام الكنيسة إلى درجات.
هو فترة تخزين روحى للعام كله .
فالذى لا يستفيد روحيا من الصوم الكبير من الصعب أن يستفيد من أيام أخرى أقل روحانية . والذى يقضى أيام الصوم الكبير باستهانه من الصعب عليه أن يدقق فى باقى أيام السنة.
حاول أن تستفيد من هذا الصوم فى ألحانه وقراءاته وطقوسه وروحياته الخاصة وقداساته التى تقام بعد الظهر.
كان الآباء يتخذون الصوم الكبير مجالا للوعظ .
لأن الناس يكونون خلاله فى حاله روحية مستعدة لقبول الكلمة .حقا إن الوعظ مرتب فى كل أيام السنة ولكن عظات الصوم الكبير لها عمق أكثر وهكذا فإن كثيرا من كتب القديس يوحنا ذهبى الفم كانت عظات له ألقاها فى الصوم الكبير وكذلك الكنيسة كانت تجعل أيام الصوم الكبير فترة لإعداد المقبلين للإيمان.
ولاهتمام الكنيسة بالصوم الكبير جعلت له طقسا خاصا.
فله ألحان خاصة وفترة إنقطاع أكبر وله قراءات خاصة ومرادت خاصة وطقس خاص فى رفع بخور باكر ومطانيات خاصة فى القداس قبل تحليل الخدام نقول فيها (اكلينومين تاغوناطا).
ولهذا يوجد للصوم الكبير قطمارس خاص . كما أنه تقرأ فيه قراءات من العهد القديم .وهكذا يكون له جو روحى خاص .
وقد جعلت الكنيسة له أسبوعا تمهيديا يسبقه.
حتى لا يدخل الناس إلى الأربعين المقدسة مباشرة بدون استعداد وإنما هذا الأسبوع السابق يمهد الناس للدخول فى هذا الصوم المقدس وفى نفس الوقت يعوض عن إفطارنا فى السبوت التى لا يجوز الإنقطاع فيها .
بل الكنيسة مهدت له أيضا بصوم يونان
فصوم يونان يسبق الصوم الكبير بأسبوعين ويكون بنفس الطقس تقريبا وبنفس الألحان حتى ينتبه الناس لقدوم الصوم الكبير هكذا ينبغى علينا نحن أيضا أن نلاقيه بنفس الإهتمام
ومن اهتمام الكنيسة بهذا الصوم أنها أسمته الصوم الكبير
فهو الصوم الكبير فى مدته والكبير فى قدسيته.
إنه أكبر الأصوام فى مدته التى هى خمسة وخمسون يوما وهو أكبرها فى قدسيته لأنه صوم المسيح له المجد مع تذكار آلامه المقدسة.
لذلك فالخطية فى الصوم الكبير أكثر بشاعة.
حقا إن الخطية هى الخطية. ولكنها أكثر بشاعة فى الصومخ الكبير مما فى باقى الأيام العادية. لأن الذى يخطئ فى الصوم عموما وفى الصوم الكبير خصوصا هو فى الواقع يرتكب خطية مزدوجة:بشاعة الخطية ذاتها يضاف إليها الإستهانة بقدسية هذه الأيام .إذن هما خطيئتان وليس واحدة.
والإستهانة بقدسية الأيام دليل قساوة القلب.
فالقلب الذى لا يتأثر بروحانية هذة الأيام المقدسة لا شك أنه من الناحية الروحية قلب قاس والذى يخطئ فى الصوم ينطبق عليه قول السيد المسيح"إن كان النور الذى فيك ظلاما فالظلام كم يكون"(مت 23:6). أى إن كانت هذة الأيام المقدسة المنيرة فترة للظلام فالأيام العادية كم تكون؟!
هنا وأقول لأنفسنا فى عتاب:
كم صوم كبير مر علينا فى حياتنا بكل ما فى الصوم الكبير من روحيات؟ لو كنا نجنى فائدة روحية فى كل صوم فما حصاد هذة السنين كلها فى أصوامها الكبيرة التى صمناها وفى باقى الأصوام الأخرى أيضا ؟
إن المسألة تحتاج إلى جدية فى الصوم وإلى روحانية فى الصوم ولا نأخذ
الأمر فى روتينية أو بلا مبالاه.