ليس التسليم عمل قهرى أو إجبارى لإرضاء سلطان الله ،ولكنه عمل نابع عن الإيمان العامل بالمحبة من قلب ملئ بالإيمان بان الله هو القادر والمحب والرحيم والحكيم والعادل والموجود والذى يجازى الذين يطلبونه .
اخلع ثوب الكبرياء والخوف الذى ترتدية لان النفس التى فيك عروس المسيح والعريس قد اشتهى طهرها .
التسليم لا يعنى جلب التجارب على النفس بل هو في الحقيقة إبعاد لكل المؤذيات والمخاطر التى تأتى نتيجة السلوك حسب الذات .
سارع بالتسليم ولا تدع تبكيتك ليوم مكافأة من عاشوا حياة التسليم .
إذا كنت تبتغى ثمار جيدة للتسليم فكل ما عليك أن تخلى نفسك من شهوة إعمال أفكارك حتى يجد روح الله فرصه ليعمل فيك ، فهو قادر أن يعمل رغم ارادتك ، ولكنه يريد منك أن تقدم ذاتك قربان محبه على مذبح الحب الإلهي.. و " لكي لا يكون خيرك كانه على سبيل الاضطرار بل على سبيل الاختيار " (فل 1 : 14)
إن روح التحكم والسيطرة فينا هى التى تعطل عمل الله من التدبير الإلهي للخلاص ، ومن ثم فعلينا ان نمتنع عن طاعة أفكارنا وجعل الإرادة الإلهية وإعلان المشيئة السماوية هما المسعى الأول عند بداية كل أمر .
تذكر كل حين أن الطاعة تؤدى إلى الشفاء والإيمان يحسب للإنسان براً والتسليم يجلب البركات .
تذكر أيضا أن الإنسان مهما بلغ من الحكمة درجات فاق بسببها أهل زمانه فانه مازال قاصرا وضعيفاً أما عظمة التدبير الدائم ، فهو إن نجح في إنجاز بعض الأمور فان الحظ قد لا يحالفه في بقية الأمور الأخرى، لذا فالحكيم هو الذى يلجا ويستعين برأى ومشورة أهل الخبرة والمعرفة من اجل السلام الدائم والنجاح المستمر ،أما الذى يسبح مع أفكاره فى فلك مستقل عن المشورة فان السقوط والخراب يلحقان به .
لا تظن انك بفطنتك تستطيع آن تصل بسفينتك إلى الميناء بسلام ، لأنه مكتوب " بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئا " (يو 15 : 5)
لا سبيل للتوبة عن زنا النفس والتحرر من سلطان الذات إلا بالتسليم.
عليك كل حين أن تكون في ملئ اليقين انه طالما قد أسلمت أمرك لله فانك قد دخلت ميدان التسليم، ذلك الميدان الذى هو بمثابة القصر المحاط بسياج منيع ،وبهذه المثابة لا يجسر أحد أن يمسك بالأذى طالما كنت بداخله .. فلا يُمارس الأذى إلا على الذين يسيرون تبعاً لأهوائهم وابتعدوا عن ميدان التسليم ،أما إذا ارتدنا ميدان التسليم وجدنا كل من فيه شخصيات مليئة قلوبهم بالسلام والفرح ....، رغم وجودهم فى معترك الجهاد الروحى ، بل وصراعهم مع اجناد الشر الروحية.
لا يحسب على الذى مارس التسليم انه قد عمل كل ما يقع علي عاتقه عندما يترك الله لكى يعمل إرادته الصالحة المرضية الكاملة، فالتسليم يتطلب الاستعداد التام لعمل المشيئة الإلهية، حتى لو جاءت على نقيض الرغبة الكامنة داخل النفس في عمل شئ معين أو حدوث أمر ما ،وهذا الاستعداد التام لعمل لمشيئة الإلهية يكون سبباً فى أن تعلن للانسان المشيئة الإلهية سريعا بل وسبباً فى أن تعطى لهذا الأنسان نعمة القدرة لعمل هذة المشيئة متى جائت مخالفة لرغباتة وطموحاته وليست على مستوى مشيئتة الشخصية.